دمج المكفوفين في المجتمع.
المؤسَّسة اللبنانيَّة للمكفوفين أل. آي. بي مؤسَّسة خيريَّة خاصَّة تُعنى برعاية وبتأهيل المكفوفين؛ تتوخَّى العمل الإجتماعي الإنساني البَحت، ولا تتعاطى النَّشاطات السِّياسيَّة.
تأسَّست عام 1986 على يد كفيف هو الدكتور عيسى المعلوف؛ ونالت الترخيص من الدَّولة اللبنانيَّة عام 1987 بموجب العلم والخبر رقم 146/ أ.د.
رؤية تتجاوز البصر:
تنمية ونمو شامل لمجتمع الأشخاص المكفوفين.
“لمعرفة نعمة الله عليك، أَغمِضْ عينيك”
ولا أَزعم في هذا الاستهلال ما لا يُقنع عاقلًا مِن أَنَّ فقدان البصر نعمة، ولا أَعيه ابتلاءً محمودًا مِن منطلق أَنَّ “الحمد لله الَّذي لا يُحمَد على مكروهٍ سِواه”. وقد ابتلاني الله بفقدان بصري متأَخِّرًا نتيجة حادثٍ مؤسف خسرتُ فيه الأَعزَّ مِن البصر. ولكم أَن تتخيَّلوا مراحل المعاناة الأُولى للانتقال المباغِت والفجِّ مِن النُّور الى الظُّلمة. كيف القراءة؟ الكتابة، التَّعرُّف على النَّاس؟ الأَكل والشُّرب وسائر ضرورات الحياة اليوميَّة وحميميَّاتها؟
رحم الله والداي اللَّذَين صارا في مصيبتي ينبوع حنانٍ وطبيبًا نفسيًّا حازمًا علَّماني أَنَّ نعمة الله لا تنتهي أَبدًا وأَنَّ ابتلائي قد يكون طريقًا إلى نوره تعالى قبل أَن ينتقلا الى الرَّفيق الأَعلى، تاركان لي بصيرة صار بوسعها أَن تدرك أَنَّ بوسع الكفيف ألَّا يكون عالةً على سواه، بل أَنَّ بمقدوره أَن يكون مساهمًا في بناء المجتمع ونهضته.
مِن العام 1970، تاريخ الحادث المؤسِف، وحتَّى العام 1985، انصرفتُ إلى تأهيل نفسي لأَكون قادرًا بعد ذلك على أَن أُقدِّم لإخوتي المكفوفين ما قدَّمه لي أَبواي ولأَستحقَّ بجدارة لقب “بابا عيسى” الَّذي به يناديني إخوتي وأَبنائي في “المؤسَّسة اللبنانيَّة للمكفوفين” الَّتي أَنعم الله عليَّ بقدرة تأسيسها في العام 1986.
انطلقتُ في تأهيل نفسي في لحظة التَّطوُّر في المجتمع الأُولى، إذ وعيتُ إلى أَيِّ حدٍّ استطاعت التِّقنيَّات أَن تغزو حياة الأَفراد والجماعات إلى حدٍّ باتت الكرة الأَرضيَّة كقريةٍ صغيرة. وعيتُ بعمقٍ كيف يمكن لهذه التِّقنيَّات أَن تُذلِّل – أَمام المعوقين عمومًا والمكفوفين بصورة خاصَّة – الكثير مِن المصاعب.
اختصرُ لأَصل إلى الكمبيوتر، إنجاز القرن العشرين الأَهمّ، الَّذي استفدتُ مِن علومه متوصِّلًا في عام 1988 إلى تعريب السَّطر الإلكتروني، الشَّاشة الخاصَّة بالمكفوفين والَّتي يراها المكفوف بأَصابعه. ومنه انطلقتُ إلى تدريب العديد مِن إخوة الظُّلمة في البصر، داخل مسقط رأسي في لبنان، وامتدادًا إلى وطني العربي الكبير وصولًا إلى إنتاج مجلَّة “البصير” الاقتصادية والثَّقافيَّة الَّتي قام المكفوفون في المؤسَّسة اللبنانية للمكفوفين، في إعداد نسخهم الخاصَّة على الكمبيوتر؛ وقام إخوةٌ لهم مِن المعوقين في الحركة أَو بعضها بإخراجها فنيًّا، بمساعدة مِن المتخصِّصين المبصرين، لتكون “البصير” مجلَّةً تصدر مسموعةً وبالأَحرف البارزة ومقروءةً في مئة صفحة بالأَلوان.
أَشعر اليوم، وأَنا أَتصفَّح بأَصابعي ما قيل إعلاميًّا في تجربة “البصير”، بحزنٍ بالغ، حيث إنَّ توقُّف هذه التَّجربة الرَّائدة بعد ثمانية شهور بسبب “الإعاقة” الماليَّة يبدو لي حادثًا آخَر مؤسِفًا.
ليكن الكلام بما قلَّ ودلَّ لأَنَّ سؤال سوى الله مذلَّة… ونحن على الله نتَّكل ونؤمن مِن أَعماق القلب.
يتولَّى العمل في أل. آي. بي بالدَّرجة الأُولى مكفوفون؛ فتتولَّى كفيفةٌ الاستقبال، وتتولَّى كفيفة العمل على البدَّالة، ويتولَّى كفيف توجيه سيَّارات النَّقل، ويتولَّى المكفوفون أنفسهم تعليم بعضهم البعض؛ إضافة إلى أَنَّ مجلس الإدارة مؤلَّف بكامله من المكفوفين والمعاقين بصريًّا.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ محاسبة المؤسَّسة وملفَّاتها مُمَكنَنَة كلّها ومنظَّمة على الكمبيوتر.
المؤسَّسة اللبنانيَّة للمكفوفين أل. آي. بي مؤسَّسة خيريَّة خاصَّة تُعنى برعاية وبتأهيل المكفوفين؛ تتوخَّى العمل الإجتماعي الإنساني البَحت، ولا تتعاطى النَّشاطات السِّياسيَّة.